جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
قام التليفزيون البريطانى بى.بى.سىببث فيلم وثائقي خطير حول سلاح اسرائيل السري على شبكته العالمية
أربعون عاما عمر البرنامج النووي الإسرائيلي
بقلم : أشرف جمال *
في الوقت الذي شنت فيه الولايات المتحدة و بريطانيا حربا ضروسا ضد العراق في تحد سافر لرغبات شعوب وقادة أغلب الدول بزعم إنقاذ العالم من أسلحة الدمار الشامل العراقية "التي لم يتم العثور عليها حتى الآن"، وفى الوقت الذي ارتفعت فيه لهجة التهديدات الأمريكية لكل من كوريا الشمالية وإيران وغيرهما من الدول لمجرد "الارتياب" فى سعى تلك الدول لإعادة أو تطوير برامجهم النووية.. قام التليفزيون البريطاني "بى.بى.سى" ببث فيلم وثائقي خطير حول "سلاح اسرائيل السري" على شبكته العالمية، ليعلن بذلك وعلى الملأ حقيقة أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية التى تخفيها عن الجميع، وهو ما وضع الإدارة الأمريكية بقيادة بوش فى مأزق حقيقي أمام الرأى العام العالمى..لأن ما حمله هذا الفيلم من معلومات شديدة السرية عن نظم التسليح النووى الإسرائيلي يؤكد إن إسرائيل دولة جديرة بالانخراط فى دول "محور الشر"التى تحاربها الولايات المتحدة سواء عسكريا أو اقتصاديا..
(الخديعة)
يؤكد هذا الفيلم أن البرنامج النووي الإسرائيلي عمره أربعون عاما، وأن بدايات تصنيع القنبلة الذرية الاسرائيلية ترجع إلى عام 1962 داخل مفاعل "ديمونة" العتيق الذي ادعى الإسرائيليون آنذاك أنه ليس سوى مصنع للنسيج..!!وذكر الفيلم أن هناك أكثر من مائة عامل أصيبوا بالسرطان من جراء التعامل مع المواد المشعة التى كانت تستخدم داخل "المفاعل النووى"الذى أتم صفقة شرائه من الفرنسيين آنذاك الشاب اليهودى "شيمون بيريز"الرئيس الحالى لحزب العمل، وهو الأمر الذى أثار الغضب الأمريكي حينما تسربت معلومات عن هذه الصفقة إلى واشنطن "أثناء حكم جون كنيدى"الذى استدعى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك "ديفيد بن جوريون" وحذره من حدوث سباق للتسلح فى الشرق الأوسط، وطالب بإخضاع المفاعل الإسرائيلي للتفتيش، ولم يكن أمام "بيريز" سوى "الاحتيال" على المفتشين الذين زاروا مقر المفاعل، إذ تم اصطحابهم إلى غرفة تحكم "مزيفة" فى الطابق الأرضي من المبنى، فى الوقت الذى حجب عنهم أن ثمة ستة طوابق أخرى تحته يتم فيهم تصنيع مادة "البلوتونيوم"..!!
(الغموض النووى)
وعلى الرغم من نجاح تلك الخدعة إلا أن الرئيس الأمريكي كنيدى ظل متربصا للإسرائيليين وضاغطا عليهم إلى أن تم اغتياله!!.. وفى عام 1969 نجحت "جولدا مائير" رئيسة الوزراء الإسرائيلية وقتها في إبرام اتفاق مع الرئيس الأمريكي نيكسون يقضى بأنه بوسع إسرائيل أن تمضى قدما في برنامجها النووي كيفما شاءت مادام الأمر قد بقى طيّ الكتمان، وهو ما سمى بسياسة "الغموض النووى" التي لا تزال سارية المفعول حتى وقتنا هذا..!!
(شاهد من أهلها)
والمثير أن هذا الفيلم الوثائقي بدأ بعرض قصة المواطن اليهودى ذو الجذور المغربية "مردخاى فعنونو" الذى كان أول من أفشى سر القدرات النووية الاسرائيلية.. فقد كان هذا الرجل أحد العاملين فى مفاعل ديمونة وقد فوجئ بما شاهده وسمعه عن تأثيرات تلك الأسلحة المدمرة، مما أدى إلى صحوة ضميره، فقرر أن يصور هذا المفاعل من الداخل وهو ما جعله يصبح الوحيد الذي يمتلك دليلا قاطعا يثبت تصنيع إسرائيل للقنابل الذرية.. وبعد فترة قصيرة قرر "فعنونو" أن يغير مجرى حياته برمتها، فترك العمل فى المفاعل، وهاجر إلى أستراليا واعتنق المسيحية هناك.. وأثناء إقامة هذا الشاب الإسرائيلي باستراليا علم بأمره أحد الصحفيين البريطانيين الذى أسرع إلى لقائه ثم دعاه إلى لندن بعدما أقنعه بأن يطهر نفسه، ويبوح بما لديه عن القدرات النووية الإسرائيلية، وهو ما تم بالفعل، فقد أكد "فعنونو" أن إسرائيل قامت بتطوير أكثر من مائتى قنبلة ذرية، وأنها تقوم بتطوير قنبلة "النيترون"، وأيضا أنها تملك من الأسلحة النووية ما يكفى لتدمير منطقة الشرق الأوسط بأكمله "كان ذلك منذ 16 عاما"... هذه الاعترافات كانت السبب فى قيام المخابرات الإسرائيلية بنصب كمين له، واستدراجه إلى ايطاليا وهناك وبمساعدة رئيس جهاز المخابرات الايطالي تم اختطافه إلى إسرائيل التي حوكم فيها وسجن لمدة 18 عاما..!!!
(لمن لا يعرف)
ومن المعلومات المهمة التى ذكرت فى سياق هذا الفيلم الوثائقى أن الكثير من خبراء الانتشار النووى فى العالم أكدوا على أن إسرائيل تمتلك "سادس" أكبر ترسانة نووية فى العالم من بينها أسلحة نووية ذات تكتيكات صغيرة، والغام نووية علاوة على صواريخ نووية متوسطة المدى تطلق من البحر والبر والجو، وأمام هذا الكنز الثرى بالمعلومات الخطيرة عن برنامج التسلح النووى الإسرائيلي طالب معظم السياسيين بعدم الاكتفاء بمشاهدة ما جاء بالفيلم فقط، لأن تلك الأسلحة وببساطة شديدة لم تصنع أو تطور إلا من أجل القضاء علينا نحن، ومن ثم فإننا أمام فرصة قد لا تعوض، تتيح لنا كشف المساعى الإسرائيلية "الفاشية" والسياسات الأمريكية "المخذلة"، من خلال استغلال هذا الفيلم واستخدامه كوثيقة إدانة أمام الأمم المتحدة وشعوب العالم، مع المطالبة بالتفتيش على تلك الأسلحة الإسرائيلية والتخلص منها أسوة بما حدث مع دول أخرى..ترى هل تشهد الأيام القادمة تحركا عربيا جادا؟!!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*صحفي بجريدة المصري اليوم
جريدة الوطن الأليكترونية
التعليقات
إرسال تعليقك